بالنسبة لنا في مصر وفي المنطقة العربية نتائج الانتخابات الامريكية تتساوى في تأثيرها علينا. والتأثير هيكون غالبا للأسوأ. ممكن نناقش مدى سوء كل واحد، لكن في جميع الحالات المنطقة مش هتشوف تحسن ملحوظ.
عشان توصل للاستنتاج ده لازم الاول تكون فاهم اوباما فلسفته آيه تجاه منطقتنا وثانيا تفهم الانتخابات الحالية في أمريكا. وأغلب العرب مش فاهمين الاتنين بالدرجة الكافية. مثلا مقال أتلانتيك عن عقيدة اوباما في العلاقات الخارجية اتفهم غلط تماما من أغلب العرب على الرغم من الترجمة الصحيحة في أغلب الحالات. مثلا المصريين فهموا ان اوباما بيعتذر عن تدمير ليبيا لما قال لقد أخطأنا في ليبيا. الحقيقة لما تقرأ الجملة في سياقها الأصلي هو بيقولها ردا على اتهامه بالتخاذل في التدخل في سوريا وبيقول تحديدا ان على الرغم ان أمريكا درست التدخل في ليبيا بشدة وضربت الأهداف الصح واخدت مباركة ومشاركة دولية واقليمية فإن التدخل كان غلط لأن مفيش حد عليه القيمة على الارض يعمل اي تغيير للأحسن.
ودي التيمة الأساسية لفلسفة اوباما. هو مش بيحب ايران وبيكره السعودية هو شايف الاتنين أنيل من بعض. هو مش بيحب الاخوان وبيكره الجيش، هو شايف الاتنين ملهمش معنى. هو مصنعش داعش ولا عايز يقضي عليها، هو شايفها مش مشكلته ومش مؤثرة على أمريكا ولا مسئوليتها. هو شايف العالم اكبر بكتير ومشاكله وفرصه اكبر بكتير من منطقة أهلها مصرين يعيشوا في العصور الوسطى، وهو مش شايف انه يقدر او عايز او مهتم يطلعنا من المستنقع ده.
أنا مقدر صدمة العرب في اوباما ومحاولتهم صبغ فلسفته بأي شكل آخر. احنا بنحب نحس ان علينا مؤامرة، بنستمتع بإحساس اننا مظلومين، لكن ممكن يقتلنا إحساس اننا مش مهمين للعالم وإن فيه حد بيقولنا أنا لا شايفكم حلوين ولا وحشين، أنا أصلا مش شايفكم. وانا مصدق اوباما، هو فعلا احساسه الوحيد ناحية منطقتنا هو احساس بالاحتقار لناس رافضة تساعد نفسها ونفسه يخلص أمريكا من شبكتها السودة في المنطقة، وساعده في ده ثورة انتاج الطاقة في أمريكا الشمالية اللي نزعت من الشرق الأوسط أهميته الرئيسية.
وده مش شرط يكون وحش بالنسبة لنا. لازم اولا ندرك حقيقة ان كل تدخل خارجي في المنطقة كان نتيجته كارثة. يمكن كان فيه ناس شايفة حكومة مصدق في ايران خطر، لكن التدخل المخابراتي هناك كان نتيجته الثورة الاسلامية. اللي كان شايف صدام مجرم مش غلطان لكن شيلته بتدخل أمريكي كان نتيجتها داعش. القذافي كان بيقذف بنغازي؟ دلوقتي كل شارع في ليبيا بيقذف التاني. حتى تفة التدخل الأجنبي في شيل مبارك كان نتيجتها تسميم المياه في مصر بقدر التدخل.
واوباما مؤمن بكده. في مقال أتلانتيك يقال ان مثله الأعلى جورج بوش الأب اللي تدخل في الكويت بالمقدار اللازم وانسحب قبل ما تدخله يوصل للدرجة اللي تخلي الأمور أسوأ. وعلى الرغم من كده، كانت القاعدة من نتائج التدخل ده. ممكن نكون شايفين مفيش أسوأ من وضع سوريا والعراق حاليا، بس أنا متفق مع اوباما القضاء على داعش بالتدريج بواسطة أهل البلاد أحسن بكتير من تدخل أمريكي لإنهاء القاعدة. فك الارتباط الامريكي في المنطقة من مصلحة اَهلها لأنه هيسمحلهم يواجهوا حقيقة ان مشاكلهم من صنعهم مش بسبب أمريكا وهيمنع تعقيد المشاكل.
لكن اوباما حالة شاذة جدا في السياسة الامريكية. لا هو الحكمة التقليدية في الحزب الديمقراطي ولا شبه المينستريم في الحزب الجمهوري. يمكن هو اقرب لليبريتاريين في الحزب الجمهوري الداعين للانعزالية الامريكية وان كان هو شايف عكس الانعزالية تجاه اسيا وافريقا وأمريكا الجنوبية. هو بس عايز يعزل الشرق الأوسط.
هيلاري كلينتون من مدرسة التدخل في السياسة الخارجية الامريكية ووجهة نظرها تجاه سوريا هتكون اقرب للدول السنية اللي شايفة الموضوع من منظور حرب طائفية. كلينتون هي في الأساس سبب تدخل أمريكا في ليبيا. وحتى اذا فرضنا وجود فرصة لساندرز بالفوز في الانتخابات فاهتماماته بالسياسة الخارجية ثانوية للغاية وفي الغالب هيعتمد على وجهات النظر المؤسسية وعلى الthink tanks في تحديد سياسة الشرق الأوسط. وفي الحالتين المؤسسات دبي بيسيطر عليها إما المحافظين الجدد أو النظريات التقليدية للسياسة الخارجية الامريكية او لوبيات اسرائيل ودول الخليج.
نفس الشيء ينطبق على ترامب. ترامب معندوش ايديولوجيا ولا فلسفة لا في السياسة الداخلية ولا الخارجية، هو مبرمج على شيء واحد: انه يكسب. هيقول اللي يخليه يكسب في الانتخابات التمهيدية لغاية ما يكسب ترشيح الحزب الجمهوري، وهيقول عكسه تماما في الانتخابات العامة ومحدش هيتهزله رمش. اللي زي ده هيمشي ورا المؤسسات أكثر من ساندرز والنتيجة في الآخر مزيد من التدخل. أما روبيو وكاسيك فهم يمثلوا المؤسسة الجمهورية بشكل مباشر ودي سياستها الخارجية تدخلية بشكل معلن. والأسوأ على الإطلاق للمنطقة هو تد كروز وهو النسخة المزيته من جورج بوش الابن، يعني مش بس هيساند تدخل أمريكي اكثر، لكن تدخل اعنف وأغبى ومن منطلقات دينية تبهدل الدنيا اكثر.
ببساطة المصريين اللي منتظرين الادارة الجاية في أمريكا عشان اوباما وحش بكرة هيعرفوا ان اوباما كان أحسن اللي عند أمريكا وميفرقش في كده انت اخوانجي ولا ثورجي ولا فلول.