Friday, November 21, 2014

خطبة الجمعة

من أكبر التحديات اللي بتواجهني في محاولة احتفاظي بصلتي بالإسلام المجتمعي والثقافي في مصر هي خطبة الجمعة. خطبة الجمعة تحدي هائل لإيمان كل من لديه خليتين أحياء في مخه. والحقيقة ان الوضع المزري لخطباء المساجد المسلمين بالمقارنة بتفهم وتفتح رجال الدين من الأديان الأخرى حاجة بتخلي الواحد يحس بنوع من الحسد. وده يجيبنا للمواضيع والأساليب المكررة في كل الخطب. كل خطب الجمعة تتضمن خليط من مجموعة محدودة جدا من المواضيع وأساليب الابتزاز المحفوظة. كل الاختلاف اللي نال خطب الجمعة بعد أحداث يناير هو تكفير من لا يصوت للإسلاميين ثم تأجيج التحارب المدني كل أسبوع.

خطبة النهارده في الجامع كانت خطبة مثالية تتضمن كل عناصر الخطب المحفوظة ما عدا الهجوم على اللي بيربوا كلاب:

١ الخطبة كانت كلها هجوم على كل من يدعو للتفكير والتجديد الحقيقي في الفلسفة والفقه الإسلامي. بالتحديد هو كان متضايق جدا من هجوم إسلام بحيري على هوس الإسلام التقليدي بالبخاري ورفعه لمرتبة الرسول واعتبار البحث في حقيقة أحاديثه كفر وجنون. فطبعا الشيخ عشان يثبت إن بحيري غلط دخل في خطبة مدتها ساعة كان بيسعى إنه يثبت فيها (بدون أدلة حقيقية) ان الهجوم على صحة البخاري جنون وان البخاري جزء لا يتجزأ من الإيمان، باختصار الشيخ قال حرفيا ان البخاري يأتي فقط بعد القرآن في صحته. طبعا سخرية انه بالشكل ده أثبت اللي بحيري كان بيقوله فاتت عليه تماما، بس ده مش مهم.

٢ أغلبية خطب الجمعة اللي بسمعها بيكون فيها كذب أو معلومات خاطئة أو مغالطات أصلها جهل أو كذب صريح أو تجاهل. مثلا كل ما يمت للعلم أو الإعجاز العلمي أو نظرية التطور بيكون خاطئ تماما وبشكل جذري، وكل ما له علاقة بالأحداث العالمية بيكون كذب، وكل ما له علاقة بحقوق الانسان أو الاضطهاد بيكون فيه استهبال وتغافل عن الحقيقة. النهارده الشيخ اختار انه يلفت انتباه الناس اللي نامت وهو بيمجد في البخاري عن طريق انه يدعي وجود حملة في الإعلام لتشجيع الشباب على الجنس قبل الزواج وهو كذب صريح. بس أعتقد ان من فكره ان الكذب لهدف نبيل حاجة كويسة.

٣ كل خطبة يجب أن تتضمن اتهام لشخص أو جماعة بالحقد على الإسلام والمسلمين. والنهارده الاتهام كان من نصيب بحيري. بغض النظر عن ان الاتهام عبيط ويحمل في طياته تكفير، لكن أنا دائما بحاول أفكر في الصورة الذاتية للناس اللي شايفة العالم حاقد على المسلمين. أصل معلش يعني، عشان حد يحقد على حد لازم يكون شايفه أحسن منه. والعالم كله مش شايف المسلمين أحسن منه، العالم شايف المسلمين همج وعناف (بغض النظر عن كون الصورة عادلة أو لا). مصيبة لا تكونوا فعلا مصدقين ان العالم بيحسد المسلمين وكده؟

٤ الخطبة متحلوش إلا إذا كان فيها حتة كده شتيمة في الستات. واللغة والطريق هنا محفوظين. هو هاجم دعوات تحرر المرأة في الإسلام ثم قال بتأثر تحررها من ماذا، من الإسلام؟ طبعا المفروض ان الموضوع اتقفل هنا لأنه أعطى قداسة لتمييزه ضد المرأة. وبعدين عشان يحلي البيعة لازم يقول الحتة بتاعت ان الإسلام كرم المرأة والجوهرة والبونبوناية الملفوفة واللؤلؤة وكده. بس الشيخ النهارده حب يجود فأضاف ان دي دعوات شيوعية. شيوعية؟ شيوعية مين يا حاج انت نمت في ١٩٨٥ ولسه صاحي؟ المهم الرد على الكلام ده مش صعب. إذا كنت انت هتعرف الإسلام على ان هو اللي بيتعمل في الستات في المجتمعات الإسلامية حاليا يبقى أيوه الستات محتاجين يتحرروا من اللي انت بتعرفه على انه إسلام. تسميته بالإسلام لا يغير من الواقع شيء. كما ان تسمية القهر والحبس والكبت والتمييز بالتكريم والتشريف مش هيخليه تكريم وتشريف.

٥ نهاية خطبة الجمعة المميزة النهارده كانت بالحتة المفضلة عندي. الشيخ قرر ان مناقشة "هؤلاء" لازم تبقى عن طريق إفحامهم. وجزء من إفحامهم هو اللجوء لحجة التخصص، الشويتين بتوع انت لو حبيت تسأل في الطب هتسأل طبيب، لو حبيت تسأل في الهندسة هتسأل مهندس، لو حبيت تسأل في الدين لازم تسأل رجل دين. أيوه بس يا حاج انتو قلتولنا ان مفيش كهنوت في الإسلام، وانتو كده كهنة. هو الدكتور ولا المهندس بيحجز ما بيني وبين ربنا؟ وهو الشيخ بيقدملي دراسات إكلينيكية وإثباتات نظرية وعملية لكلامه؟ وهو ربنا مش المفروض خالقنا بالفطرة نقدر نوصله ومش محتاجين سمسار في النص؟

للأسف أنا مش عارف أنا بقيت بحضر صلاة الجمعة ليه. هي دي الخلاصة