انا اكتشفت ان الدراما المصرية دمرت قيم كتير عندنا. لا دي مش الخطبة بتاعت العيال كبرت و مدرسة المشاغبين بوظوا اخلاق جيل. انا اصلا مش شايف ان المسرحيات دي اثرت في أي حد أساسا غير شوية موجهين لغة عربية في التربية والتعليم. انا قصدي قيم تانية أهم وتأثيرها أكثر تدميرا.
تعال نتخيل اننا جيبنا واحد لا يعرفك ولا يعرفني وحكينا له الحكاية دي:
كان فيه راجل عايش في بلد مسلم محافظ. الراجل مكانش متعلم. لكنه اشتغل وفتح محل جزارة. لأن شغله كان كويس ولأن السلعة اللي هو بيبيعها كانت مطلوبة الراجل ده اتغنى. الراجل خلف بنت. مراته ماتت. على الرغم من ان الراجل عايش في مجتمع لا يقيم المرأة على الإطلاق ولا يورثها كالرجل وعلى الرغم من ثروة الراجل وخلفيته الثقافية المتواضعة إلا إنه ماتجوزش تاني عشان يحاول يجيب الولد. بالعكس هو ركز انه يربي بنته الوحيدة كويس. ورباها لغاية ما بقت آنسة شيك مثقفة ومحترمة. وأصر انها تكمل تعليمها في أعلى الكليات وكان ده مدعى فخر عظيم له.
في يوم الراجل دا لقى واحد جاي يتقدم لبنته الوحيدة. الواحد ده كان فيه شيء واحد يميزه: انه خال تماما من أي شيء يميزه. الولد كان لسه صغير في السن مالوش أي انجازات، علاقته بأبوه مضطربة، طالب غير مييز إن لم يكن فاشل، عنده استعداد للانجرار للسكر والمخدرات، ناقم على كل شيء، ليس له إنجاز علمي أو تميز ثقافي أو خبرة عملية أو روح رجل الأعمال أو ظروف مناسبة.
رد فعل الجزار انه رفض العريس.
انا مش عايز أتخيل رد فعل الراجل الكوري للقصة وهو شايف مين في الاتنين الشرير. انا عايز أشوف رد فعله على مخرج على باب الوزير وهو ما بيبذلش مجهود خالص مع السيناريو السابق لأنه ضامن اننا هنعتبر حلاوة العنتبلي الشرير. الأكادة اننا كلنا اعتبرناه فعلا شرير. الأدعى بقى انهم رجعوا عملوا القصة مسلسل وأضافوا لها كل ما يجعل حلاوة راجل تقدمي ماحيلتوش غير بنته وشخصية شريف منير/عادل إمام نطع وبرضه اعتبرنا حلاوة العنتبلي شرير.
الأوسخ في على باب الوزير هو الجو اللي بتخلقه حوالين الصنايعية. مبدأ ان كون السباك بيكسب كتير فده معناه فساد المجتمع مبدأ انا مش فاهمه لغاية دلوقت. السباك دا مهنة قبيحة ليه؟ فيها ايه عيب؟ الراجل بيعرض خدمة الناس محتاجاها بسعر هم مستعدين يدفعوه. ايه المشكلة؟ انما ازاي، لازم نهين كل طوائف الحرفيين ونشيع انهم بالضرورة سوقة وغير مثقفين وغير قابلين للتثقيف.
الحقيقة ان علي باب الوزير مجرد مثال استوقفني. انما الدراما المصرية ما شاء الله غنية بالكليشيهات المهببة. الغني حرامي ومصاص دماء. الحرفي جاهل وعديم الأدب. العصامي عديم الذوق ولا يستحق النعم اللي هو عايش فيها (اللي هو عملها بنفسه لنفسه). فقط من يستحق كل شيء ومن هو مظلوم دائما هي طبقة ما توجها أسامة أنور عكاشة في مسلسلاته. الطبقة المتوسطة الى المتوسطة العليا العاملة في وظائف الياقات البيضاء والمكاتب هي فقط من يستحق احترام الدراما المصرية. كتلة اللزوجة الممثلة في محاولة الحفاظ على نقاء أسرة سميرة أحمد في امرأة من زمن الحب هي غاية الدراما المصرية. ويولع حلاوة العنتبلي ببنته الدكتوره اللي طلع بيها من الدنيا.
No comments:
Post a Comment