فيه قصة حلوة من الحرب الأهلية الأسبانية. قلب معسكر الديمقراطيين في اسبانيا كان في كاتالونيا. وبرشلونة كانت الجوهرة في تاج المعسكر ده. كاتالونيا كان متحكم فيها الأناركيين وكانت مغناطيس بيجذب اليسار من كل أنحاء العالم عشان يحارب ضد الفاشية العسكرية. كاتالونيا أصرت على ان الثورة لازم تكون مستمرة وان الوسيلة الوحيدة لكسب الحرب هي ان الثورة تفضل حالة دائمة في الأراضي اللي بيحكمها الديمقراطيين. طبعا معسكرهم خسر الحرب.
من ضمن التجارب اللي الأناركيين جربوها عشان الثورة تستمر في برشلونة كانت أنهم قرروا ان الفلوس اختراع رأسمالي ولازم ميبقاش فيه فلوس عشان الثورة تنجح. وبما ان الناس مش محتاجين فلوس لأن المفروض كل واحد ياخد اللي هو محتاجه وبكده كل الناس هيكونوا كويسين فقرروا انهم يمنعوا استخدام الفلوس في المدينة. طبعا الناس بقت تاخد أكل وسجاير وحاجات أكتر من حاجتهم. فقرروا ان لازم حاجة تحدد كمية الحاجات اللي كل واحد بياخدها. فقرروا يحرروا استمارات كل واحد يقدر ياخد بيها كمية حاجات محددة. ففي ناس كتير استهبلت وبقت مبتشتغلش وتاخد الاستمارات دي عادي. فقرروا ان كمية الاستمارات اللي كل واحد ياخدها أول كل شهر لازم تبقى موازية لكم الشغل اللي اشتغله. يعني أعادوا اختراع الفلوس من خلال عملية مدمرة ضرت معسكرهم في الحرب ومحدش استفاد منها حاجة.
دا عرض لمشكلة القوى الثورية الكلاسيكية واليسارية منها بشكل خاص. وشوفنا له أمثلة كتير شبيهة في "الثورة" في مصر. على ان في مصر المنظور الاقتصادي لطبقة موظفي الشركات المتعددة الجنسيات ليه أصول معقدة تشمل الإحساس بالذنب، الإحساس بالاستحقاق، الجهل مع الجهل بحالة الجهل، واستنباط نتائج خاطئة من تجارب خاطئة لا يمكن حتى استنساخها بأغلاطها نتيجة اختلاف الظروف.
من ضمن التجارب اللي الأناركيين جربوها عشان الثورة تستمر في برشلونة كانت أنهم قرروا ان الفلوس اختراع رأسمالي ولازم ميبقاش فيه فلوس عشان الثورة تنجح. وبما ان الناس مش محتاجين فلوس لأن المفروض كل واحد ياخد اللي هو محتاجه وبكده كل الناس هيكونوا كويسين فقرروا انهم يمنعوا استخدام الفلوس في المدينة. طبعا الناس بقت تاخد أكل وسجاير وحاجات أكتر من حاجتهم. فقرروا ان لازم حاجة تحدد كمية الحاجات اللي كل واحد بياخدها. فقرروا يحرروا استمارات كل واحد يقدر ياخد بيها كمية حاجات محددة. ففي ناس كتير استهبلت وبقت مبتشتغلش وتاخد الاستمارات دي عادي. فقرروا ان كمية الاستمارات اللي كل واحد ياخدها أول كل شهر لازم تبقى موازية لكم الشغل اللي اشتغله. يعني أعادوا اختراع الفلوس من خلال عملية مدمرة ضرت معسكرهم في الحرب ومحدش استفاد منها حاجة.
دا عرض لمشكلة القوى الثورية الكلاسيكية واليسارية منها بشكل خاص. وشوفنا له أمثلة كتير شبيهة في "الثورة" في مصر. على ان في مصر المنظور الاقتصادي لطبقة موظفي الشركات المتعددة الجنسيات ليه أصول معقدة تشمل الإحساس بالذنب، الإحساس بالاستحقاق، الجهل مع الجهل بحالة الجهل، واستنباط نتائج خاطئة من تجارب خاطئة لا يمكن حتى استنساخها بأغلاطها نتيجة اختلاف الظروف.
أوضح مثل لذلك هو تصور تلك الطبقة للاقتصاد. بالنسبة لواحد ساكن في فيللا وبيسوق عربية وأبوه كان ساكن في شقة وبيركب مواصلات فيه إحساس دائم بعدم الأمان نتيجة الإحساس بالخوف من زوال النعمة. كمان فيه إحساس دائم بالخوف من الطبقات التي لم تستفد من النمو الاقتصادي وهو خوف أناني في الأساس: خوف من هجومهم عليه وسرقة نمط حياته. الخوف دا بيتقدم في شكل التضحية بالذات وتقديم المصلحة العامة على الخاصة. وتبدأ صياغة عجيبة للاقتصاد كنظام مسطح خطي غير متغير يتضمن افتراضين أساسيين:
- ان كم الثروة في الاقتصاد غير متغير
- ان الدولة عندها قنوات مفتوحة لإمكانات غير محدودة
بناء على الإفتراضين الخاطئين يبدأ استنباط النتائج الخاطئة. والدافع ورائها ليس توفير حد أدنى للمعدمين ولكن توفير نوع من سكينة البال للطبقة المتوسطة والمتوسطة العليا عن طريق شبكة من الضمانات اللي بيسوقوها من أمثلة مغلوطة من دول غنية. أوضح وأضحل مثال على ذلك هو مقولة التوزيع العادل للثروات. والفهم المصري ليه هو ان فيه ثروات في الدولة نجمعها ونقسمها بالتساوي فكل الناس تعيش حلو أو على الأقل تعيش زي بعضها والفقير ميبقاش فقير قوي.
مشكلة النظرية دي مرة أخرى انها بتفترض ان الاقتصاد خطي: أي يساوي مجموع مكوناته، وأنه غير متغير بمعنى ان مجموعه ثابت مع الوقت. والفرضية التانية مصدرها الفكرة المصرية العتيدة أن مصر غنية بالثروات الطبيعية (وهي أسطورة). الاقتصاد مش خطي. لو جمعت مكونات معينة للاقتصاد ممكن تديك اكتر من مجموعها، مثلا لو جمعت تكرير مادة خام ثم تصنيعها ثم تسويقها فمجموعهم اكتر من مجرد جمعهم المباشر. وساعات بيبقى فيه تناغم سلبي والمكونات تطرح من بعض.
بشكل تاني: لو أنا جمعت "ثروات الدولة" بافتراض وجودها من أساسه ووزعناها بالتساوي مش هيكون فيه أي دافع للتنافس. بمعنى ايه اللي يخلي أي حد يشتغل أكتر أو أحسن أو يشتغل أساسا ما دام الكل هيكسب نفس المكسب في الآخر؟ وبالتالي الناس هتبطل تشتغل. وبالتالي لأن ثروة الدول هي في أغلبها خدمات وإبداع وصناعات غير ملموسة فمجموع المنتج في الاقتصاد هيقل. وبالتالي الكل هيزداد فقرا وبؤسا وأقل انتاجا وإبداعا وقوة ناعمة. المشكلة هنا ان فرض ان مجموع المنتج في الاقتصاد ثابت مش صحيح والاقتصاد نظام مترابط بيأثر كل جزء فيه على الآخر.
مثال تمت مناقشته على تويتر كان يتضمن نظرية الضغط على الدولة وحل مشاكل العشوائيات في نفس الوقت عن طريق كسر أبواب الشقق المغلقة واستيلاء سكان العشوائيات عليها بالقوة والسكن فيها. مشكلة النظرية دي انها تفترض ان لدى الدولة الإمكانيات والمصادر اللي تؤهلها لحل مشكلة العشوائيات بشكل عاجل لكنها فقط غير راغبة لذلك الضغط عليها كاف. خلينا نتجاهل ان الحل ده بيستولي على ملكية خاصة عنوة وبيفترض ان كل شقة مقفولة هي ملك أغنياء غنى فاحش. لنتجاهل ان الفكرة غير قانونية وتخالف الأعراف الإنسانية كلها. خلينا نفكر في نتائجها. النتائج ان هيبان ان الدولة مش قادرة تحمي الملكية الخاصة. وهينتشر الموضوع وهيتوغل وهيتحور للاستيلاء على العقارات المسكونة. أصحاب العقارات هيحاولوا يدافعوا عن ملكيتهم بالقوة. كل العوامل هتؤدي لانهيار سوق العقارات وانسحاب كل الشركات الكبرى. العاملين في الشركات هيسرحوا والمقاولين هيسرحوا العمالة اليدوية وأصحاب الشقق هيفقدوا قيمتها وتنهار الأيجارات فمحدش يصرف في الاقتصاد فيحصل كساد في الشراء فالمحلات تقفل وتسرح العاملين ومتشتريش بضاعة فالمصانع تقفل وتسرح العاملين. والنتيجة إيواء مؤقت لعدد من المشردين وعدد أكبر من البلطجية وإضافة ملايين لقائمة العاطلين والمشردين وسكان المقابر. قدام دا الحكومة أمامها إما الاستسلام للانهيار أو إخراج من استولى على عقار بالقوة.
وده اللي أدركته كل الدول بما فيها عتاة الشيوعية. حتى كوبا أصبح فيها مناطق حرة وأسواق حرة وانكماش في المجمعات الاستهلاكية. حتى أحفاد الفييت كونج يسعون لاجتذاب الاستثمار والحفاظ عليه. وكله مبني على تجربة الصين اللي أدركت ان في غياب المنافسة مفيش نمو، وبالتالي خلقت مناطق ومدن حرة تعامل فيها الشركات العالمية معاملة مميزة لاجتذابها ويسري فيها قوانين وقواعد خاصة تجعل المناطق دي مناطق ذات مستوى عالمي. في الأول كانت المناطق دي مستواها أعلى بمراحل من بقية المدن الصينية وكان الصيني العادي شايف فارق ضخم في نمط المعيشة. لكن مع الوقت والاحتكاك والمنافسة اضطرت الشركات الصينية لتطوير نفسها وعلي مستوى معيشة الصيني العادي إلى أن أصبحت الشوارع في المدن العادية قريبة من المناطق الخاصة. لكن دا جه بعد ده.
الخلاصة ان الكلام عن الضرائب التصاعدية ومعونات البطالة وإلى آخره ليس خطأ. الخطأ هو ان اللي بيتكلموا عن الحاجات دي لا عارفين ظروف تطبيقها في الدول الغربية ولا عارفين الطرق اللي نمت بيها الدول الغير غربية وبالتالي مش عارفين ايه يطبق قبل ايه وايه بيأثر على ايه.
الدولة:
- تضمن عدم الاحتكار ووجود سوق مفتوح لا يمنع لاعبين جدد من الدخول
- توفر حد أدنى من الأمان الاجتماعي حسب مواردها وسكانها وليس حسب موارد وسكان الإمارات
- تضمن سلاسة الإجرائات الإدارية لمن يريد المنافسة والعمل والإنتاج
- توفر بنية تحتية سليمة بمقاييس عالمية للصناعات والخدمات بسعرها الحقيقي
- توفر الأمن
- توفر إجراءات تقاضي اقتصادي واضحة ولا تخضع لدعايا شعبوية
- تضمن عدم وجود وسائط أو محسوبيات أو رشاوي على كافة المستويات
- تساعد العمالة على التدريب والتعلم الفني لمواكبة احتياجات السوق
- تحاول خلق البيئة الملائمة لاستيعاب القوى العاملة في مؤسسات تنافسية في السوق
وإذا لم تقدر على ذلك على مستوى الدولة تبدأ بمناطق صناعية وتجارية خاصة حتى تتوفر الموارد وتتسرب الثقافة
الدولة لا:
- تنتج ملابس
- توظف كل من يتخرج أي كان مؤهله
- تنفق على دعم استهلاكي للطبقات المتوسطة والعليا (بل توفر لهم المجال لرفع دخولهم)